26 - 09 - 2024

مؤشرات | البيجر واللاسلكي .. وماذا نحن فاعلون جميعًا؟

مؤشرات | البيجر واللاسلكي .. وماذا نحن فاعلون جميعًا؟

في تفجيرات أجهزة "بيجر"، وأجهزة اتصال لاسلكية، في حوزة لبنانيين من عناصر حزب الله، ثبت بالدليل أن الحرب مع العدو الصهيوني تأخذ منحى جديد كليا يحتاج الدراسة والتحليل، بل نستطيع القول "ماذا نحن العرب فاعلون في هذا الصراع الذي مازال حتى اللحظة أبديًا؟".

لا يمكن أن ننفي أن ما جرى من حرب (البيجر) و(اللاسلكي)، تعني أن إسرائيل ليست دولة تسعى إلى السلام، بل هدفها التدمير والفناء للبشر كما هو للحجر، وتستخدم كل الوسائل من أجل ذلك، بما في ذلك شراكات استثمارية معلنة أو خفية، وهو ما تؤكده المعلومات المبدئية، عن تواجد وسيطرة صهيونية على المصنع الذي أنتج أجهزة "البيجر" في بودابست بالمجر، والتي تحمل علامة شركة "جولد أبولو" التايوانية.

وقد شهد شاهد من أهلها في اللحظات الأولى للانفجارات في 5000 جهاز، حيث نقل موقع أكسيوس الأمريكي عن مصدرين مطلعين - لم يكشف عن هويتهما - أن إسرائيل فجرت "آلافاً" من أجهزة الاتصال الشخصي "ووكي توكي" التي يستخدمها عناصر حزب الله في لبنان، في سياق موجة ثانية من عملية استخباراتية، بتفجير أجهزة "بيجر" يستخدمها عناصر الحزب.

بل أكد الموقع على لسان المصدرين أن الأجهزة التي تم تفخيخها مسبقاً من جانب الاستخبارات الإسرائيلية وسُلِمَت لعناصر حزب الله، كانت جزءاً من منظومة الاتصال الطارئة التي يُفترض أن يستخدمها الحزب خلال أي حرب مع إسرائيل.

وفي اعتراف فعلي وعلني قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي "هرتسي هاليفي"، "إن إسرائيل "مصممة على تهيئة الظروف الأمنية التي ستعيد سكان الشمال إلى ديارهم، وإسرائيل على استعداد تام للقيام بكل ما هو مطلوب لتحقيق ذلك، مع اعتماد خطط الدفاع والهجوم على الساحة الشمالية، يجب أن يكون الثمن الذي يدفعه حزب الله في كل مرحلة أكبر، ولدينا المزيد من القدرات التي لم نفعّلها ورأينا جزءاً منها فقط".

وبخلاف ذلك جاءت إشارات أمريكية واضحة وأوروبية ومن دول مختلفة، على وجود أصابع الكيان الصهيوني في هذه التفجيرات، وهو ما يؤكد التوسع الصهيوني في أزمات المنطقة وتوسيع نطاق الحرب بإدخال أطراف أخرى فيها، وإفشال أي محاولات ومساع للتهدئة.

ولا شك أن الكيان الصهيوني بهذه العمليات التفجيرية نقل الحرب من الحرب المباشرة على الحرب ضد الداخل اللبناني وبنظام القتل عن بُعد، والتوظيف التكنولوجي، واستخدام كل ما هو قذر، والاستخدام الاستخباراتي في كل شيء، بما في ذلك تتبع طلبات أنظمة الدفاع والاتصال وغيرها لأي قوى مقاومة أو عسكرية في المنطقة، وخصوصا دول الصراع مع الصهيونية، وربما تقديم عروض تنافسية عبر شركاء له في الدول المنتجة لمختلف الأجهزة، وإفسادها أو تفجيرها عن بعد.

وأعتقد أن هذا ما تم في صفقة "البيجر" و"اللاسلكي" لحزب الله، وهذا في حد ذاته ما اثار قلقا شديدا، لدى الكثير من الدول التي علاقتها متوترة مع الكيان الصهيوني، وهو ما دفع العراق وتركيا على سبيل المثال لاتخاذ إجراءات احترازية حيال مثل هذه الاستخدامات الصهيونية.

ولا يمكن إلا أن نشير إلى وجود ما يمكن أن يندرج تحت بند (خيانة) في تلك الأحداث، وهو المؤكد أن تستخدمه قوات الكيان الصهيوني في عملياتها المختلفة سواء في لبنان أو في غزة، وضد العناصر والقيادات الفلسطينية في حماس وغيرها، وضد القيادات في حزب الله وحتى إيران خارج فلسطين ولبنان.

والخيانة سهلة ورائحتها تزكم الأنوف، بل في تفجيرات لبنان هناك من يذهب إلى أن عمليات التفجير تمت عبر عملاء في الداخل، بل ان تفجير بعض الأجهزة التي كانت مازالت في المخازن تمت عن طريق عملاء أقرب إلى أماكن تلك المخازن، وهو ما يرجح وجود خيانة من الداخل وربما الأقرب.

كل ما جرى وغيره يؤشر على ضرورة طرح السؤال الأهم على كل أطرافنا العربية "ماذا نحن فاعلون في هذا النهج الصهيوني في إشعال المنطقة، وكيف نتعامل مع هذا التوظيف القذر لشركات صناعية صهيونية مع دول ومصانع قد تكون هذه الدولة أو تلك تتعامل معها؟.. والسؤال الثاني كيف يمكن التعامل مع خونة الداخل والعملاء الذي يبيعون أوطانهم مع عدو غير مؤتمن على أي شيء؟ .. أعتقد نحن بحاجة لإجابات وأفعال وأسس ووسائل تعامل وحماية جديدة كليًا.
-------------------------
بقلم: محمود الحضري


مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | سياسات زراعية على حساب محاصيل تاريخية.. القصب مثالًا